أكدت صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأمريكية فى افتتاحيتها أنه برغم خضوع مصر لنظام يطبق قانون الطوارئ الذى يقوض الحريات المدنية لقرابة الـ29 عاما، وبرغم حظر جماعة الإخوان المسلمين، وهى أكبر كتلة معارضة، إلا أن دعوة محمد البرادعى، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية لمقاطعة الانتخابات خشية استغلال الحكومة لها لضمان فوز الحزب الوطنى، يعد خطأ فادحا.
وقالت الافتتاحية إن البرادعى رفع لواء التغيير وبدأ مناقشة محتدمة حول إذا ما كانت المشاركة فى انتخابات غير نزيهة ستمنح جماعات المعارضة اليد العليا فى دفع ركاب الحرية قدما، أو ستمنح ببساطة الشرعية لأنظمة بعيدة كل البعد عن الديمقراطية وذلك من خلال السماح بإظهار التعددية. مصر ليست الوحيدة التى تتعامل مع هذه الأزمة، فأحزاب السنة فى العراق قاطعت الانتخابات البرلمانية التى تدعمها الولايات المتحدة الأمريكية فى يناير 2005، وبعدما وجدت نفسها تتخبط سياسيا، ولم تجد بدا آخر سوى المشاركة فى عملية الاقتراع التالية.
ورأت الافتتاحية أن أى عملية ديمقراطية حقيقة تعتمد على مشاركة المواطنين باختلاف أطيافهم، وهناك تساؤلا ملحا يفرض نفسه على حركات المعارضة يتعلق بإمكانية بناء ديمقراطية عن طريق منع المواطنين من المشاركة.
ويبرر هؤلاء الذين يؤيدون مقاطعة الانتخابات فى مصر موقفهم مؤكدين أن الكيل فاض بهم بعدما اشتركوا فى السياسة الانتخابية على مدار عقود، ولكنهم فشلوا فى التأثير على النظام، لذا فهم يرون أن المقاطعة آخر ملاذ أو "أقل الخيارات المتاحة سوءا".
بالنظر إلى عمليات مقاطعة الانتخابات فى العقود الأخيرة، نادرا ما تنجح فى تحقيق الديمقراطية، بل تصاب الأحزاب التى تختار الابتعاد عن الانتخابات بالضعف والوهن، فى الوقت الذى يعود فيه الحكام إلى السلطة بأغلبية أكبر ويتمسكون بها بشكل أكثر ترسخا. مشاركة حركات المعارضة، من ناحية أخرى، من شأنها أن تحقق نتائج حقيقية.
ومع ذلك، يرى بعض محللى الانتخابات أن التهديد بالمقاطعة له جدوى أكبر من المقاطعة نفسها، إذ يجبر الحكومة على معادلة ميزان القوى، وهذا أغلب الظن ما يحسبه البرادعى.
جبهة التغيير الوطنية جمعت أكثر من 700 ألف توقيع على عريضة الإصلاح الانتخابى، وذلك بفضل جماعة الإخوان المسلمين.
وقالت لوس أنجلوس تايمز إن مقاطعة الانتخابات لن تجدى نفعا، فصفوف المعارضة مقسمة، والإخوان المسلمين، التى يحتل أعضاؤها "المستقلون" ما يقرب من خمس المقاعد فى البرلمان، لم توقع على عريضة المقاطعة (وبالتأكيد، لن تنجح أى مقاطعة جزئية)، ولكن هذا لا يمنع أن الانتخابات البرلمانية فرصة سانحة لكسب الشعبية.
ورأت الافتتاحية أن البرادعى يتعين عليه العمل على سحب المصريين من حالة الجمود واللامبالاة السياسية، وأن يساعد فى انتخاب أعضاء المعارضة للبرلمان، وهناك سيحصلون على الزخم المطلوب والحصانة التى تمكنهم من تحقيق المزيد من الإصلاحات، لذا فهو يحتاج إلى توسيع قاعدته السياسية ودعم مصداقيته لدى الشارع، إذا كان يريد حقا الترشح لانتخابات الرئاسة المقبلة وأن السبيل الأفضل لذلك هو التنظيم، الذى سيمكنه هو وباقى المعارضين من استخدام أصواتهم للإعراب عن معارضتهم، إذا ما سرقت الانتخابات.
واختتمت لوس أنجلوس تايمز افتتاحيتها مؤكدة أن السياسة المصرية تمر بفترة محورية، وربما يفكر الرئيس مبارك بالترشح لفترة رئاسة سادسة، لذا فحسب الصحيفة تبدو الانتخابات البرلمانية فرصة لتمهيد الطريق لانتخابات الرئاسة، كما يتوجب على المعارضة المشاركة فى الانتخابات لا مقاطعتها.