عشر أعوام هى كل ما تملكه أسماء ياسر من سنوات عمرها كغيرها من الأطفال تعشق الانطلاق، إلا أن السرطان الذى داهم قدمها اليمنى منذ عام ونصف حرمها مبكرا من الركض وسط أقرانها، متسببا فى استئصال ركبتها ممتدا لينهش فى إحدى كليتها أيضا.
أسماء تنتمى لأسرة فقيرة بقرية شنباره بمحافظة الشرقية، والدها يتحمل مشقة حملها على كتفيه مع كل رحلة لعلاجها فى القاهرة بمستشفى 57357، قد لا يجنى من بيعه للخضار إلا القليل من المال الذى لا يكفى تكاليف الانتقال والسفر.
أسماء هى عنوان لآلاف القصص المؤلمة التى تمتلئ بها محافظة الشرقية، حتى أصبح مشروع إنشاء معهد للأورام بالمحافظة ليس مجرد مستشفى لمرضى السرطان، بل هى مكان آخر يصارعون فيه للبقاء على قيد الحياة، إلا أن حلم المرضى لم يكتمل حتى الآن، لتتوقف معه آمال 90 ألف مريض بالسرطان فى الشرقية هم 10% من الأطفال تحت 15 سنة، بالإضافة إلى 3 آلاف مريض جديد سنوياً فى الحصول على العلاج دون تحمل أعباء السفر والانتقال للقاهرة.
بدأت فكرة إنشاء معهد للأورام بالمحافظة فى عام 2001 م، وأصبح الفكرة قيد التنفيذ مع صدور القرار الجمهورى فى إبريل2003م، أعقبها إطلاق حملة تبرعات لإنشاء المعهد استمرت لمدة سنة كاملة، وتم جمع نحو11 مليون جنيه من جهود وتبرعات أهلية.
وفى عام 2004 م أدرجت الدولة خطة لإنشاء المعهد ضمن الموازنة العامة للدولة لتخصيص ميزانية له، وقدم المختصون دراسات الجدوى وتمت الموافقة، على أن تدرج فى الخطة الخمسية عام 2005 م. وتم اختيار افضل تصميم وعمل المقايسات عام 2006م، وقدرت تكلفة الإنشاءات بـ50 مليون جنيه فى عام 2007 م، وقدمت الدراسات فاعتمدت الدولة فى الخطة الخمسية 2007 م - 2012 م ميزانية بنحو 25 مليون جنيه صرفت وزارة المالية منها 15 مليون فقط.
حتى الآن تم وضع الأساسات تحت الأرض وتكلفت هذه المرحلة التأسيسية 20 مليون جنيه. ويقول الدكتور فريد إسماعيل، عضو مجلس الشعب، أن فكرة إنشاء المعهد لم تأتى من فراغ، بل جاءت بعدما تضاعفت أعداد مرضى الأورام فى الشرقية بشكل ملحوظ، وتبنى الفكرة أساتذة من أبناء الجامعة حتى صدر قرار بإنشائه عام 2003 م، وظل الأهالى يجمعون التبرعات لكنهم لم يستطيعوا توفير الميزانية المطلوبة للمشروع وتحول المعهد إلى مقلب قمامة.
وأضاف النائب قائلا: "قدمت طلب إحاطة وحولت الموضوع إلى الرقابة الإدارية وكتبت عليه هام وعاجل، وبدأ بالفعل تنفيذ المشروع"، مشيرا إلى أنه كان هناك بعض المعوقات عند بداية التنفيذ، وهى أن الشركة المسئولة عن الإنشاء كانت تحتاج مكان لوضع معدات العمل، واستطعنا بعد مجهود بإقناع الأهالى بالتبرع بهذا المكان، إلا أن المشروع توقف تنفيذه بسبب ضعف الميزانية وقلة المتابعة من وزراة التعليم العالى والبحث العلمى".
يضم المعهد المقرر إنشاؤه 13 قسماً لعلاج المرضى، فضلا عن توفير الرعايا الاجتماعية والنفسية لهم وقسم التوعية الصحية اللازمة فى مجال الأورام للمواطن والطبيب للمساعدة فى الكشف المبكر للأورام، ومتابعتها عن طريق البرامج العلمية اللازمة للفحص والعلاج.
وتدريب وإعداد الكوادر المتخصصة فى تشخيص وعلاج الأورام، وإجراء البحوث العلمية لاكتشاف المسرطنات المختلفة بالبيئة المصرية وطرق مقاومتها، بالإضافة لمنح الدرجات العلمية من الدبلوم والماجستير والدكتوراه فى علوم الأورام الإكلينيكية والأكاديمية.
فهل يتحقق آمال أهالى الشرقية أم يظل المرض يطارد أبناءهم حاملين آلام السفر؟