ذكرت صحيفة ألمانية أن قضية القس الأمريكى تيرى جونز الذى هدد بحرق نسخ من القرآن الكريم "كشفت هشاشة العلاقة بين الغرب والعالم الإسلامى والوضع غير الطبيعى والمتوتر الذى تمر به هذه العلاقة".
وقالت صحيفة "دويتش فيلا" - فى تقرير لها على موقعها الإلكترونى - "هذا القس المغمور والمجنون، على حد تعبير وزير الخارجية الألمانية جيدو فيسترفيله، الذى لا يتجاوز عدد أتباع كنيسته خمسين شخصا، أصبح، وفى لمح البصر، ملء الدنيا وتمكن من خلال هذا العمل المنفر من أن يسرق الأضواء ويصبح حديث الناس فى كل أنحاء المعمورة".
وذكر التقرير أنه "إذا كان هناك شبه إجماع، فى العالمين الغربى والإسلامى، على إدانة هذا القس وتهديده بحرق القرآن، فإن الاهتمام الإعلامى الكبير، الذى حظى به، يظهر حجم التوتر وعدم الثقة اللذين يسودان العلاقة بين المسلمين والغرب ما يسمح لأى عابث بأن يشعل فتيل فتنة كبرى".
وجاء تزامن هذا التهديد مع حدثين آخرين شهدتهما ألمانيا، فى الأيام القليلة الماضية، ليدفع بالبعض إلى الحديث عن وجود "حملة منظمة للعداء للإسلام والمسلمين فى الغرب".
وبالرغم من أن رئيس مجلس الأمناء فى المجلس الأعلى لمسلمى ألمانيا نديم إلياس ينفى وجود مثل هذه الحملة أو وجود "تخطيط على مستويات عليا لهذه الظواهر الثلاث"، فإنه يطالب بالنظر "بجدية إلى العلاقة المتوترة بين العالمين الغربى والإسلامى".
والحدثان الآخران، حسبما يقول إلياس، هما "المواقف العنصرية" التى أطلقها وزير مالية ولاية برلين السابق تيلو زاراتسين بحق العرب والأتراك، وتكريم فنان الكاريكاتير الدانماركى كورت فيسترجارد، صاحب الرسوم "المسيئة للرسول"، فى بوتسدام بألمانيا.
وقال رئيس مجلس الأمناء فى المجلس الأعلى لمسلمى ألمانيا نديم إلياس فى تصريح لصحيفة "دويتشه فيلا" الألمانية: إن المشترك بين هذه الظواهر الثلاث أنها تتجاوز حدود الحرية من خلال انتهاك كرامة الآخرين.
وإذ يشيد إلياس، وهو شخصية إسلامية ألمانية معروفة من أصل سعودى، بموقف ميركل من زاراتسين ومقولاته، وكذلك بإدانتها لتهديد جونز بحرق القرآن، إلا أنه يستغرب مشاركتها فى حفل تكريم فيسترجارد وإلقائها كلمة بمناسبة نيله جائزة حرية الصحافة، التى تمنحها سنويا منظمة صحفية ألمانية تطلق على نفسها "اتحاد إم 100".. وطالب إلياس العالم الغربى بتحديد "الخطوط الحمراء فيما يتعلق بالدين".
من جانبه، رأى رئيس المنظمة العربية لحرية الصحافة إبراهيم نوار أن هناك قيما يجب الالتزام بها، وأن ما يشاع بأن الحرية فى أوروبا "بلا ضفاف وليس لها أية ضوابط كلام غير صحيح بالمرة".
وميز نوار، فى تصريح لدويتشه فيلا، بين ما هو دينى وما هو سياسى فى هذه الظواهر، فرسوم فيسترجارد لا تحمل طابعا دينيا بل "طابعا سياسيا يتمثل فى الحض على كراهية قطاع من قطاعات المجتمع الأوروبى نفسه، أى المسلمين، من خلال تصوير نبيهم على هيئة إرهابى".
وأضاف أن "هذه الصور لا تحمل دلالة دينية بقدر ما تحمل دلالة سياسية؛ كما أن مشاركة ميركل فى حفل التكريم أعطته بعدا سياسيا، وهذا هو الجانب الخطأ فى القضية".