أعرب المسيحيون فى العراق عن انزعاجهم من محاولات متطرفين أمريكيين إحراق المصحف الشريف ويخشون أن يتعرضوا نتيجتها، فى المناطق غير المستقرة من العراق، للاستهداف من قبل الجماعات الإسلامية المتشددة.
وذكرت جريدة الحياة السعودية أن مجلس رؤساء الطوائف المسيحية أصدر فى العراق بياناً أدان فيه دعوة القس تيرى جونز لإحراق القرآن الكريم تزامناً مع الذكرى السنوية لهجمات الحادى عشر من أيلول (سبتمبر) 2001.
ودشن رؤساء الطوائف المسيحية فى العراق بيانهم بآية من إنجيل القديس متى «أقول لكم إن كل كلمة باطلة يقولها الناس يحاسبون عليها يوم الدينونة». واستطرد «نحن رؤساء الطوائف المسيحية فى العراق نتابع بقلق بالغ وغضب شديد ما يروج له القس الأمريكى إن هذا الفعل هو إيماءة شائنة وخطيرة ضد إخواننا المسلمين وكتابهم المقدس، لكل دين كتبه المقدسة المحترمة وأماكن عبادته ورموزه الدينية ولها كل الحق فى الإكرام والاحترام والحماية».
وأضاف البيان، أن «حرق المصحف الشريف هو الإرهاب بعينه وهذه المرة الإرهاب ضد الدين الذى يدعو إلى المحبة والتآخى لخير الشعوب وسلامها، هذه الجريمة التى ترتكب اليوم باسم الديمقراطية وحرية الرأى والتعبير تتناقض مع منطق حوار الحضارات والأديان والثقافات الذى دعت إليه الكنائس والجوامع من على منبر الأمم المتحدة فى المؤتمر الذى دعا لنبذ الحقد والتعصب والإرهاب».
وأصدرت رئاسة أسقفية أربيل الكلدانية بياناً شجبت فيه محاولات إحراق المصحف الشريف.
وورد فى البيان «باستياء واستهجان كبيرين قابلنا الدعوة التى وجهها المدعو القس تيرى جونز، خادم كنيسة تبشيرية فى ولاية فلوريدا الأمريكية، إلى إحراق القرآن الكريم وهى دعوة لا أخلاقية نابعة من شخصٍ يحمل الكراهية والعداوة لمَن يختلفُ عنه فى العرق والدين، ويروم زرع آفة الفساد والعداوة والفرقة ما بين شعوب الله المُسالمة الآمنة. لاسيما أن المسلمين الأكارم فى كلِّ بقاع الأرض أنهوا صيامهم المُباركَ وكلّلوه بأعمال الإحسان والرحمة».
وزاد «إن ديننا المسيحى يرفضُ مثل هذه السلوكيات المريضة ويدينها بشدة، ويدعو دوماً إلى مُباركة اسم الله الكريم أينما ورد، فكيف الحال والقرآن الكريم الذى يأتى على ذكر هذا الاسم المبارك فى آياتٍ تدعو إلى الإيمان بالله الواحد، والإخلاص له، نضم صوتنا إلى صوت الفاتيكان وصوت كل مسيحى شريفٍ فى العالم، ممن استنكروا الدعوة بشدّة، وعبروا عبر بياناتٍ مُنددة بهذه المحاولة المُشينة، وإن الكنيسة فى كل بقاعِ الأرضِ، لاسيما فى عراقنا العزيز، تفتخر بعمقِ العلاقات مع المُسلمين التى بُنيت على أساس الاحترام المُتبادل القائم على التعايش الممّتد فى عمقِ التاريخ، والذى أسهمَ فى بناء البلاد وتقدّمها. لذا، لن نسمح بفعلِ شنيعٍ ومُستهجَن أن يمُس كرامة المُسلمين، أو يبثَ الفرقة البغيضة بيننا».
كما أصدر رؤساء الكنائس فى مناطق متفرقة من العراق كنينوى وكركوك بيانات شجب واستنكار، دعوا فيها إلى وحدة الصف لمواجهة مثل هذه الأفكار. وقالت المواطنة المسيحية أم يوسف، التى أبت أن تكشف اسمها الصريح فى حديث إلى «الحياة»، كونها تسكن مدينة الموصل، إن مثل هذه الأفعال التى لا يفكر القائمون عليها فى تبعاتها على المسيحية أجمع يجب أن تدرأ بكل الوسائل.
وأوضحت أم يوسف «من يقوم بمثل هذه الأفعال لا يفكر فى مصير أناس مثلنا هنا وما سنتعرض له على الرغم أننا نقف مع الفريق المضاد لهذه المساعى، هو يسكن الولايات المتحدة وستتوافر له الحماية بحجة أنه يعبر عن وجهة نظر معينة، وآلاف المسيحيين حول العالم سيتعرضون للخطر جراء تصرفه اللامسئول، أطالب كل الجهات الدولية بإيقاف مثل هذه الحماقات وإن كان ذلك بالقوة إذ إن استخدام القوة ضد فئة فاسدة خير من أن تشمل البلبلة كل العالم».
أما جمال حزقيال، فقد أشار فى تصريح إلى «الحياة» أن المسيحيين فى العراق قد يكونون الأشد تضرراً إذا ما أتم جونز فعلته».
وأوضح حزقيال «أعتقد أن المسيحيين فى العراق سيكونون الأشد تضرراً إذا ما أتم المدعو تيرى جونز فعلته، وحقيقة لا أريد أن أصفه بالقسيس إذ أننا نعرف القس رجلاً يمتاز بالصدق والمحبة وليس كهذا، كما نعلم أن المسيحيين فى العراق أصلاً مهددون وهذا ما قد يمنح المتشددين حجة أخرى لاستهدافنا، إيماننا قوى بمبادئ ديننا ونحن على ثقة بأن العراقيين أكبر من مثل هذه التفاهات».