كشف تقرير لمؤسسة القدس الدولية حول اعتداءات الاحتلال الإسرائيلى على المسجد الأقصى المبارك خلال الفترة الممتدة ما بين 22 أغسطس 2009 وحتى 21 أغسطس 2010 عن تعرض المسجد لـ34 حفرية وأكثر من 55 اقتحاما جماعيا.
واعتبر التقرير ـ الذى أصدرته المؤسسة بمناسبة الذكرى السنوية لإحراق المسجد الأقصى ووزع فى العاصمة الأردنية عمان ـ أن الاحتلال الإسرائيلى يدرك أنه أمام فرصة سانحة لتهويد المسجد الأقصى بسبب تغييب معادلة الردع.
ورصد التقرير تزايد سرعة الحفريات الساعية إلى بناء مدينة يهودية مقدسة أسفل المسجد ومحيطه بمقدار الضعف خلال العام الماضى، حيث بلغ عدد مواقع الحفريات حول المسجد 34 موقعا، بزيادة 9 مواقع على العام الماضى (21 منها نشطة، و13 مكتملة) ومن الناحية الجغرافية تقع 15 حفرية منها جنوب المسجد، و17 حفرية غربه و2 شماله.
وأشار التقرير للنقلة النوعية التى شهدها بناء المعالم اليهودية فى محيط الأقصى مع افتتاح الاحتلال لكنيس الخراب غرب المسجد الأقصى، ومصادقة الاحتلال على بناء كنيسين جديدين أكثر قرباً للمسجد من كنيس الخراب، وهما كنيس "مصلى المتحف الإسلامى" داخل ساحات الأقصى وكنيس "فخر إسرائيل" فى محيط الأقصى، كما افتتح الاحتلال متحف "المعبد الثالث" فى الطرف الغربى الجنوبى لساحة البراق لترويج الرواية اليهودية لتاريخ القدس.
ورصد التقرير خلال الفترة محل القياس 6 اقتحامات للمسجد الأقصى نفذتها شخصيات رسمية، 3 منها نفذها مسئولون كبار وفنيون فى سلطة الآثار الإسرائيلية، و3 نفذها نواب فى البرلمان من حزبى الليكود والاتحاد الوطنى.
وبلغت اقتحامات اليهود المتطرفين أكثر من 36 اقتحاما امتد معظمها على مدار ساعات أو على مدار اليوم بأكمله، عدا اقتحامات المجموعات الصغيرة التى تحدث بشكل يومى.
وأشار إلى دور الأجهزة الأمنية للاحتلال الإسرائيلى فى اقتحام المسجد الأقصى، التى توفر الحماية لليهود المقتحمين، كما نفذت الأجهزة الأمنية مجموعة اقتحامات لأغراضها الخاصة زاد عددها على 15.
واستقرأ تقرير مؤسسة القدس الدولية ردود الفعل على التطورات الجارية فى المسجد الأقصى، وبين أنها لم تعدُ أن تكون ردود فعل وصفية لا تحمل حلا أو رؤية سياسية، ودون المستوى المطلوب.
وعلى الصعيد السياسى، يرى التقرير أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يتبع سياسة مزدوجةً تجاه المسجد الأقصى، فمن الناحية الرسمية لا يعلن نتنياهو أى توجهات لتغيير الواقع القائم فى المسجد الأقصى، أما على أرض الواقع فإنه يكلف وزراء فى حكومته وقادة كبار فى حزبه بقيادة مطالب المستوطنين بالسماح لهم بالصلاة فى المسجد الأقصى "بحرية تامة".
وأضاف التقرير أن الاحتلال الإسرائيلى حقق إنجازا بإطلاق مسار المفاوضات غير المباشرة فى 3 مارس الماضى ومسار المفاوضات المباشرة فى 20 أغسطس الجارى "دون شروط مسبقة"، لأنه تمكن بذلك من فرض وتكريس رؤيته بأن قضية القدس والمسجد الأقصى هما خارج التفاوض، وأن تغيير الأوضاع القائمة فيهما هو شأن داخلى للاحتلال لا علاقة للفلسطينيين وغيرهم به.
وعلى الصعيد الدينى، يرصد التقرير تغير الفتوى اليهودية التقليدية بعدم جواز دخول المسجد الأقصى "جبل المعبد" كما تسميه الأوساط الصهيونية عند جبهة واسعة من الحاخامات الصهاينة البارزين ليصبحوا من المؤيدين لدخوله.
لكن التطور الأبرز - بحسب التقرير - كان التبدل فى موقف بعض حاخامات "الحريديم" أو اليهود غير الصهاينة الذين كانوا يشكلون التكتل الأساس فى معارضة دخول اليهود لـ"جبل المعبد"، حيث بدأت بعض مجموعات منهم باقتحام المسجد الأقصى بشكل دورى منذ شهر نوفمبر 2009، وهو ما يعنى بدء تهاوى المعسكر الدينى الرافض لدخول اليهود للمسجد أمام المؤيدين والمناصرين لدخوله.
أما على الصعيد القانونى، فقد كانت أبرز التطورات التى رصدها التقرير إصدار محكمة الصلح حكما فى 4 أكتوبر 2009 يفرض على الشرطة حماية المستوطنين الذين يقتحمون المسجد الأقصى خلال تأديتهم للصلاة فيه، وهو ما يمثل تحولا تاما فى مهام شرطة الاحتلال فى المسجد، فبعد أن كانت مكلفة بحماية المسجد من اعتداءات المستوطنين، أصبحت مكلفة قانونا بتأمين الحماية لهم خلال اقتحامهم للمسجد.